بسم الله الرحمن الرحيم ..
( حكاية )
.
.
تقف أمامهم في اللحظة الأخيرة ,
لحظة وداعهم .. بعد ( الضجيج )
الذي كان يملأ المكان بأطفالهم ,
وبأحاديثهم , صراخهم وضحكهم ..
تناولهم العشاء ,
والفوضى التي أحدثوها بعده ..
وبعد سكب الماء والعصير ( أو الشاي )
على منتصف السجادة بالخطأ ,
كأس يتلوه كأس .
تقف في تلك اللحظة عند الطريق المؤدي إلى باب الخروج حيث يجتمعون لتقول لهم :
( آنستوني )
ويقولون لها :
( بل أزعجناك )
تسمع هتافاتهم الأخيرة :
( مع السلامة يمّه )
( تصبحين على خير يمّه )
( نشوفك على خير يمّه )
تنتظر أمام الباب ..
حتى يُقفل الباب مع خروج الشخص الأخير .
وتطفئ ضوء ذلك الطريق ,
( بخروجهم )
وتدخل حيث بقايا أطيافهم .
نحن دائمًا نعرف الحكاية عند ذلك الحدّ
حدّ
( ابتسامتها عند الباب وقولها :
ما في ليل , ظلوا أشوي ..
بسرعة مشيتوا )
لماذا لا نعود حين تقول ذلك ؟
وكانت تعني أني أريدكم بمعنى أو بآخر !
ماذا يحدث بعد إغلاق الباب ؟
بماذا تفكّر تلك الجدّة الوحيدة في المنزل ؟
لماذا نشعر دائمًا بأنها ستضع رأسها
من التعب وتنام فقط !
ألا تنتابها مشاعر الوحدة ؟
ألا تنتابها مشاعر الرغبة بالبكاء ؟
ألا تنتابها مشاعر الرغبة بالحديث مع أحد
ورأسها على الوسادة ؟
ألا تتمنى أن يشاركها تنفس الهواء
الساكن حولها أحد ؟
ألا تشتاق ( للجدّ ) الراحل عند ربّه ؟
تبكيه عند الشوق ,
وتنادي بأسمه
في لحظة ما .. علّهُ يُجيب ؟
لماذا لا نشعر بأننا قساة ..
ونشعر أن تلك هي الحياة
وأن ذلك أمرٌ طبيعي ,
وسنكون يومًا ما مثل تلك الجدّة ..
نعيش الوحدة التي تفرضها سنّة الحياة
( كما نعتقد ) !
فلا نسعى لشيء ,
لأن لكلٍ حياته الخاصة به ,
ومسكنه الخاص حيث يشعر بالراحة فيه .
لماذا لا نشعر ؟!
ربما لأنه ليس بالإمكان أن نضع أنفسنا
مكانها , ونتخيل !
لو كان بالإمكان أن يتخيل الإنسان ويشعر بعمق لما يحدث مع كل شخص يتألم ,
ويشعر بالوجع .. أو الوحدة ,
( لكانت الإنسانية )
تفيض في الطرقات ,
بعد أن امتلأت في وعاء القلوب ..
ولكان كل واحدٍ منا يبحث عن الموجوعين
و يقتسم معهم نصف الوجع
والآخر يقتسم نصف النصف ,
فلا يبقى من الأوجاع شيء !
......
في تلك اللحظة التي نصبح فيها
وحيدين كتلك الجدّة ,
نختنق لكثرة الأكسجين الذي نتنفسهُ وحدنا ..
حينها فقط .. وفقط
سنعرف جيّدًا , ونشعر
بالذي كان يحدث بعد إغلاق الباب !
- رحم الله أمواتنا جميعًا -
’
أصبت عزيزتي
تلك اللحظة القاسية
" الشعور ب الوحدة , الإحتياج , و الحنين لأيام و أشياء لا تعود !
رُبما جميعُنا سيشهدُها يوماً ما
حينما يرحل الجميع و يُغلق الباب
أو في كُربةِ غُربة أو في لحظة إنكسار بفقد عزيز , أو حتى حينما يزدحم الملأ من حولك دون أن يكون بينهم ذلك الشخص الّذي هو كأنت ,
و تحديدك للجدة الاّتي رحل عنها الجد رُبما يجمع كل ألوان شبح الوِحدة "(
حُييتِ عزيزتي _
أثارت تساؤلاتك في داخلي حيزاً من التأمُل ’)