بسم الله الرحمن الرحيم
( 1 )
نستطيع في شدّة الزِّحَام , أن نُبصر الأشياء التي نُريد أن نراها ,
حتى وإن كان من الصعب النّظر عن كثب !
وإدراك تفاصيل ما نود رأيته ,
أحيانًا .. لمحة واحدة لما نريد أن نراه
ترضينا , وتكفينا ..
وتجعلنا نبتسم .. ونرحل برضا .
( 2 )
إزدحام المشاعر داخلنا , وتضخّم شعور دون آخر ,
الشعور بالقلق حيال أمرٍ ما يخُصّنا , يُنسينا الشعور
بالقلق حيال أمرٍ ما أعظم يخصّ أشخاصًا مقربين !
حدث ما يُؤذي مشاعرنا , بسبب تصرف نراه قاسٍ من
وجهة نظرنا من شخص ما عزيز جدًا ,
كفيل بجعلنا نُجرح ونتأذى ونشعر بقسوته !
على الرغم من أن علامة الاستفهام عالقة في منتصف
القلب والعقل لما حدث !
الجانب الأبيض من الروح لا يصدق أن ذلك التصرّف
حدث لإيذائنا من ذلك الشخص , لكن لأن الشعور المُترجم أن ما حدث مؤذي , أضخم من الشعور الذي يُترجم أن ما حدث
( لأجلي ولصالحي ! )
مشكلتنا أننا بشر .. لا نستطيع إدراك ما وراء التصرفات !
لا نستطيع أن نفسّر كل شرّ على أنهُ خير ,
وكل خير على أنهُ شرّ !
خلافات عديدة تحدُث في الحياة سببها عدم الإدراك !
المؤذي لا يدرك قسوته , لأنهُ يُدرك الجانب المبطّن الخيّر من فعلتِه ,
والمتأذي يُدرك فقط مقدار الألم والوجع ,
لأنه يستشعر الجانب الظاهر من الفعل دائمًا
( وذاك أمرٌ طبيعي جدًا )
وتبقى فجوة بين المؤذي والمتأذي , لا تُرمّم إلا
حين يُكشف السبب الباطن الذي أدّى للإيذاء الظاهر .
( 3 )
كمّ مرّة أستطيع أن أزاحم قلبًا واحدًا
بالاعتذارات المتكررة ..
دون أن أتأذى ؟
لطالما كان تكرار الاعتذار
لذنب واحد ( لا يُغتفر )
مؤذي , ويسبب الانكسار للكثيرين ..
أعرف الكثيرين ممن لا يحبون تقديم الاعتذار ,
لا أعلم لما .. وما هو شعورهم حين نطقهم لكلمة :
( آسف ) أو ( أنا أعتذر )
عن نفسي .. لا يكسرني الاعتذار ذاته ,
يكسرني المتلقّي للعذر حين يكسرني بالرفض !
أو حين لا يبدي اهتمامًا يُسعدني ( لاعتذاري )
تختلف حالات الاعتذار , ويختلف اهتمامنا
من أن يقبل شخص دون آخر عذرنا ..
أنا أعتذر , لأجل الله أولًا ..
لأني أخاف أن أكون مخطأة في حق أحد من خلقه ,
وأعتذر لأجلي ثانيًا ..
لأنه قلبي لا يحتمل أن يشعر بكمّ من تأنيب الضمير ,
وأن شخصًا على هذه الأرض لا يحبني لتصرف أستطيع مسحه وتصحيحه باعتذار !
سواء كنت أنا المذنبة أم تقاسمنا الذنب ,
أعتذر لأجل أشخاص عديدين ثالثًا ..
أحيانًا محبتنا لأشخاص بعمق , تكون دافع لنا
للاعتذار بصدق خالص .
أنا لا أعلم إن كان للاعتذار وقبوله فلسفة ,
لا أعلم إن كان يجب أن تطول المدّة حتى يُقبل العذر ..
لكني أسأل الله دائمًا أن يسامحني إن أخطأت ,
ويسامحني إن تسببت لأحدٍ بأذى في لحظة طيش أو غضب .
( 4 )
في زِحام الذكريات
وفي زوايا قلبي حينما كنت صغيرة ..
تأخذني التفاصيل لتذكر الأشياء التي كنت أحبها ,
أحبها بقلب طفلة .. لا تستطيع كره ما أحبّته !
وتكبر داخلي تلك الطفلة , بذات القلب ,
بذات التفاصيل ..
لأكبر .. وأكبر
وتكبر مع كبري التفاصيل التي أحبها ,
حتى نصل لمرحلة .. نريد فيها أن نكبُر
وتتقلص محبّتنا لتلك التفاصيل !
تتقلص وتتقلص .. حتى تختفي ,
فهل يكون بالإمكان .. أن نكره الأشياء
التي أحببناها صغارًا ؟
أو حتى ننساها و لو دون كره !
أم أن بياض قلوب الأطفال داخلنا حين أحبّت
جعلتهُ وسم أزليّ يصعُب إزالته !
( 5 )
في زِحام الزِّحَام من كل شيء ..
نَعلق !
نحتاج أن نُنتشل عادةً من ذلك الزحام ,
الأيدي كثيرة , والأرواح متزاحمة ..
أحيانًا نفضّل أن نبقى عالقين , على أن نمدّ أيدينا
لأي شخص يستطيع أن يخرجنا من الزِّحام ظاهرًا ,
لكن لا يستطيع أن يُخفّف من حدّته داخل الروح !
الحمد لله ..
لديّ ربي في كل حين .
الحمد لله ..
لديّ أرواح تنتشلني بين حينٍ وحين ..
من كل زحامٍ , ظاهرٍ و باطن , وبدفء وصدق خالص .
الحمد لله ..
أستطيع انتشال زِحامي الرّوحي ,
بزحامٍ حرفيّ ..
أسطرهُ هنا .
كلامك البسيط يُعبر عن مشاعر الكثير منا التي تتشابه مع مشاعرك
سلمتِ وسلمت أناملك