لنرى الصورة واضحة من جميع جوانبها ..
ننظر بعيون قاصرة للبيوت التي قد عُمَرت أمامنا , ننظر لجمال وفخامة بعضها .. فنغبط أصحابها ..
وندير أعيينا لأخرى متهالكة الأركان في ظاهرها .. يستطيع الناظر ببصرة أن يدرك ما يحويه داخلها ..
ولأننا بشر , تغرَنا المظاهر عادة , و يستهوينا الجمال .. يجرنا إليه من دون أن نشعر .. ونردد بأفواهنا
" الله جميل .. يحب الجمال "
وتشمئز أنفسنا من القبيح .. وننفر عن كل ما يمت لها بصلة رغما عنـا ..
.....
فبنظر البعض .. أولئك الناس الساكنين القصور الفخمة , والبيوت الفارهه .. الدارسين في أفضل الجامعات ..
المالكين المال " بعصاميتهم بالطبع " – وكما يقال - وفي كل حال ..
أو ربما هم وارثيه عن أجدادهم الأبطال ..
هم أفضل الناس .. خَلقاُ وخُلُقاً .. هم من نرضى مصافحتهم .. هم من يجب مناسبتهم ..
هم من نرفع رؤوسنا حين الوقوف خلفهم !
هم من نريد أن يعلم الجميـع بأننا أقربائهم .. حتى وإن كـانوا يقربون لنـا من البعيد .. البعيد ..
هم .. وهم .. وهم ..
من تكـون .. ؟
أنـا فلان .. أبن عم فلان .. صاحب العمل الفلاني .. الساكن القصرالفلاني .. !
من تكــون .. ؟
أنا فلان .. والدي فلان .. مالك تلك الأراضي .. صاحب العظمة والشأن .. !
فتفتح له الأبــواب ॥ حتى تلك الأبواب الموصدة , والتي كـنا نظن بأن الفارس الهمام " من خيالنا فقط " هو من
يستطيع فتحها ..
نتساءل ما لسبب ؟! أو كيف فتحت ؟ ولمـاذا لم تفتح قبل حينما كنـا نقف نحن ورائها .. !!
نتساءل .. ونخلق ألف سبب وسبب غير ذاك الذي نعلمه .. لكن كل الأسهم في عقولنا تشير إلى ذلك الجواب .. !
نعيد السؤال .. ونعيده و نعيده .. لعلهم يخجلون .. لعلهم يحاسبون أنفسهم .. فيجيبوننا على الأقل بإجابة مقنعة !
فيدَعون أنهم يتكلمون .. تتحرك أفواههم .. يتقلَب الهواء الذي أمام تلك الأفواه لينقل لنا الصوت حتى يصل لمسامعنا ..
لكنـا الهواء تعب .. !
تعب .. فقرر أن لا يوصل أكاذيبهم إلى مسامعنا .. فبعثرها في الأجواء ..
فظننا أنهم لم يتكلموا .. أي أنهم لم يجدوا جواباً يقنعنا .. أي أن الإجابة التي أشارت لها أسهم عقولنا صحيحة ..
.....
وبنظرة أخرى .. يرى البعض الساكنين البيوت المهدَمة .. الساكنين خلف جدارٍ مصنوعٍ من ماء وأتربة ..
الجامعين المال من عرق الجبين .. الواقفين من الفجر للعمل بأيديهم تحت شمس محرقة ..
حتى يجمعوا قوت يومهم .. يريدون اكتساب المال ليبقوا وذويهم على قيد الحياة لا أكثر , أبنائهم يدرسون بضوء
مصباح ضعيف , يضيء ويطفأ بين حين وحين .. ينام الأبناء جميعاً في دارٍ واحدة ..
مثل هؤلاء .. لا يريد الكثير مناسبتهم .. لا يريدون وضع أيديهم " النظيفة " بأيدي هؤلاء .. لا يريدون
الاحتكاك بهم أو مجالستهم أو مصاحبتهم ..أو حتى أن يقال أن لهم في الدم قرابة معهم ..
" هل تظنون أني أبالــغ ؟؟ "
من تكون .. ؟
أنا فلان .. أبن أبي .. العامل في تلك المزرعة ..
من تكون .. ؟
أنا فلان .. أبن أبي .. مالك محل الخضـار ..
فلا يستطيع عبور الباب الذي قد يكون سببا له ليحــلم بمستقبل قد تمناه ..
لا يستطيع أن يتعدى الباب الذي .. قد يغير من وضع عائلته إلى الأفضل ..
لا يستطيع أن يتعدى الحواجز التي وضعت لكونه .. أبن والده .. !
فيتساءل ... ؟
ما بالها الأبواب من حولي موصدة ؟؟
ما بالهم يرمقوني كلهم بالنظـر. ؟؟
بيدي شهادة تفوقي .. أملك دعاء والدتي لي في كل حين .. أعتز برضا والدي ..
أتذلل حين الحــاجة لخالقي .. أصلي فروضي .. مستقيمٌ في أمور ديني ..
ماذا يريدون ؟ ما ذا ينقصني ؟ ما لذي أفعله حتى يرضوا .. ؟
" أفعل ما تفعل .. فهم في النهاية لن يرضوا ! "
كم من القصور والبيوت الفخمة التي حوت في داخلها " الحثـالة " من البشر ..
وكم من البيوت المهدمة .. والأسر الفقيرة حوت في داخلها " الأشراف " منهم ..
كم من غني أشترى بمــاله الذي لا يعدُ أفضل الشهادات وهو " لا يقرأ " ؟
وعمـل في المكان الذي أشار إليه بأصبعه .. ليصله راتبه في نهاية كل شهر من دون أن " يعمل " !
وكم من فقير عبقري حصل على أفضل الشهادات وعلقها وبقي جالساً " يناظرها " بلا عمل ॥ !
" هل تظنون أني لا زلت أبالغ ؟ "
هاهنـا .. وبالرغم من كوني فتاة لا زالت تدرس .. إلا أن ما يجري حولي وفي كل مكان سبباً لأن يغتاظ قلمي
ويخط ما قد خط ..
لمــاذا كل تلك التفرقة .. ؟
هل أجد منكم جوابا يشفي الغليل ؟
السفاهة هي التي تحكم العقول الآن وغيبت عنها الحقائق ..المميزات والزيادات العلاوات كلها من حق من لا يحتاجون إليها ..أما من يحتاج لها خصم الراتب بسبب تأخير نصف دقيقة ...قطع الإجازة ..عدم قبول العرضي فقط لأنه يحتاج ..مقياسهم مالك لا شرفك وأخلاقك ..
قلتها من قبل وأقولها الآن على الدنيا السلام ..
لا نملك سوى أن نحافظ على ما تبقى من أخلاقنا ومبادئنا حتى لا نكون مثلهم ..وقالوها أيضا ..بات مظلوم وماتباتش ظالم ..
لا والله لم تبالغي بل أن ماقلتيه لا يصل لربع الحقيقة المرة ><
كوني بخير عزيزتي ~