وإني لأقفُ بين سرادِيب الدَاعين والرَاجين ..
وأُنادِيك ربَي { نداءً خفِيَـا }
فما كُنتُ ربَي أقِفُ بين يديَ غيرك .. وألتجي هاربةً من الدَنيا إليك ..
{ ولم أكن بدعائك ربَ شقياً }
تُقلَبُني الأزمانُ بين كفَيها ..
فتغيبُ الرَوح " للحظاتٍ " عن جسدي ..
وأؤمن أنَ ما كان { أمراً مقضياَ }
" وتغيبُ الرَوح في غياهبِ الرَوح ..
عجيب!
أنَا لها أن تتداخل في أحشاء ذاتها !
تتغلغل حتى تصل إلى عُمق الجروح ..
فتداوي الجروح بالجروح ..
عجيب !
أنَا للآلام أن تداوي ذاتها !
وتمر في طريقٍ قد ألبسهُ الليل بعضاً من رداءه ..
فتحاول الروح أن تضحَي بشيءٍ من " نورها "
لظلامه ..
علَها تستقي من تلك الظلمة شيئاً يُحيي ما يحيطه ..
أين العجب !
أن نداوي الظلمة بالنور ..
أن تكون الروح سبيلاً لمداواة عمق الروح ! "
وفي غياب روحي .. في روحي ..
أُحاكي في البعيد جسدي الذي قد بقي صريعاً بلا حراك :
ولو أنك بقيت جسداً بلا روح فإنك { لَمْ تَكُ شَيْئًا }
أنا الآن روحٌ داخل روح .. لا جسد !
أُريدُ البقاء حيثُ أنا .. لا أريدُ العودة إلى جسدي ..
لا أريدُ العودة إليه الآن ..
أريدُ أن أبقى حيثُ بمقدوري أن أحلَق في عرضِ السماء ..
أريدُ أن أبقى طليقة الجسد { ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا }
أريدُ أن أجول العالم بروحي ..
أن أحلق إلى أرض طيبة .. ونينوى ..
إلى بيت الله .. وإلى طوس والشَـام ..
إلى كل أرضٍ تحمل في أحشائها الكرام ..
أريدُ التَحليق بعيداً .. وفي القريب ..
لأرى الأحبَة الذين طال فراقهم ..
أرى الذين لا يصلهم صوتي ..
ويظنون أني قد نسيتهم بصمتي ..
أريدُ حينما يضجَ الناس بالحديث ..
فتصلني أصواتهم صراخاً مدوياً يؤذي مسامعي ..
أن ألوذ بروحي{ مَكَانًا قَصِيًّا }
ألا أستطيع الإنفراد بنفسي ؟
ألا أستطيع أن أنال لحظة صفاء ؟
بعيداً عن مجريات العالم , بعيداً عن الأخبار , بعيداً عن تلك الشاشة التي
تحمل خلفها آلاف القضايا التي تنقلها لنا , فنكون في عمق الحدث
وكأننا معهم .. لكننا أعجز ما نكون أمام تحريك عصاً واحدة
لإيقاف النيران المشتعلة !
بل ونكون نحن الوطن ..
الذي يصرخ ذاك الشعب بأسره
منادياً بحرقة بأسم " من أقاموا الدنيا عليه " بالفرار إليه !
لا أريد أن أسمع شيء , لا أريد أن أرى شيء ..
ولا أريد من الدنيا في هذه الأيام شيء ..
فقط أريد أن أكون لأيامٍ معدودة { نَسْيًا مَّنسِيًّا }
لا .. لست مهمومة , ولست حزينة ..
لا تظنوا أن الدنيا تحمَلني همومها بخطي لهذه الكلمات ..
لكن كل ما هنالك , أني أريد لحظاتٍ نقيَة ..
لا يعكَرها شيء ..
أريد أن أكون في عمقِ فقاعة !
أريد أن أنادي بأسماء الذين أشتاقُ لهم ..
وأنفخُ في وسط تلك الحلقة .. لتتطاير عشرات الفقاعات ..
متجهةً إلى الأسماء التي قد ناديتها ..
وتحمل كل فقاعةٍ روح ٌمن أرواح من أشتاق لهم ..
وتأتيني بهم ..
فنختبئ – أنا وهم - عن العالم بأسره ..
ونقتصَ منهُ لنا { مَكَانًا شَرْقِيًّا}
" لا بأس بالأحلام التي نتمناها ..
لا بأس بها إن كانت لا تؤذي أحد ..
وترسم الابتسامة على محيانا في لحظات تخيُلِنا لكل تلك المجريات "
سأبقى أتمنى تلك الأُمنية ..
نعم سأبقى أتمناها { بُكْرَةً وَعَشِيًّا }